البكاء له وقته ومكانه المناسبين. أنت لا تستطيع، على سبيل المثال، أن تضحك ملء فمك خلال محاضرة أو مؤتمر ما، حتى إذا تخلل الجو نكتة ما أو حادثة مسلية
| |
| [url=http://smans.nstars.org/javascript:ZoomPic('? |
إذا كان زميلك، الذي يجلس بجوارك، من ذوي الثرثرة المستمرة والمزعجة فربما لا تكسبه هذه الصفة "سمعة سيئة" عند أقرانه. ولكن إذا كان يبكي بشكل منتظم فان ذلك سيكون له صدى سلبي، وهذا قد يثير الانزعاج لدى الأكثرية خصوصا المحترفين منهم.
البكاء انفعال عاطفي لا إرادي مثل غيره من الانفعالات، ولكن حين يتعلق الأمر بالبكاء في مكان العمل، وأثناء الدوام، فإننا نصبح "كائنات غير منطقية". فإذا كنت من الذين يبكون في العمل، لسبب أو لآخر، فانك قد تلقى تعاطفا من البعض، ولكن أيضا قد تخسر مركزك وربما الوظيفة بكاملها، هذا بعد أن تكتسب صفات لا يرضاها احد لنفسه، اقلها: ضعيف، سريع الغضب، غير جدير بالمسؤولية..الخ.
خلال جلسة "سؤال وجواب" مع الناخبين غصت حاكمة نيويورك هيلاري كلينتون، المرشحة الديموقراطية السابقة لرئاسة البيت الأبيض، وكادت أن تختنق وهي تحاول الإجابة على احد الأسئلة. في تلك اللحظة لم تزعق هيلاري ولم تلجأ للعويل ولا حتى للانسحاب.. دمعت عيناها قليلا (كرد فعل غريزي) وأكملت إجابتها، قبل أن تنتقل إلى موضوع آخر. وفي النتيجة فازت هيلاري في الجولة.
لكن وسائل الإعلام ومواقع المدونات الالكترونية لم تتوقف عند هذا الحد من مجريات الحادثة التي قد يتعرض لها أي شخص وفي أي ظرف، بل خرجت بمانشيتات لا تتحدث هذه المرة عن سياسة كلينتون بل كيفية التعبير عن انفعالاتها». وتم طرح الموضوع على هيئة تساؤلات، مثل كيف استجاب المواطنون لها؟ هل كانت نهاية الحملة الانتخابية لكلينتون؟ هل هي نكسة للنساء الأميركيات؟ هل هي تحذير من حالة ما؟
حين يتعلق الأمر بالبكاء في مكان العمل وأمام الزملاء والمسؤولين فإننا نصبح محط انتقادات كثيرة ونتحول إلى عناصر غير مقبولة، أو في أحسن الأحوال غير مريحة. فإذا تتبعت المقالات التي كتبت حول الدموع التي ذرفتها هيلاري كلينتون ستلحظ طغيان الجانب العاطفي المرة تلو الأخرى.
هل هناك استنفاد أكثر من مشاعر البهجة والغضب؟ هل نسمي الزملاء الذين يضحكون كثيرا انفعاليون أو عاطفيون؟ وماذا عن المديرين الذين يثيرون الرعب في نفوس الموظفين؟ "القول إن البكاء غير مناسب كأننا نقول إن تكويننا من لحم ودم ومشاعر أمر غير مناسب"، بحسب الاستشاري في التواصل لوورانت دوبيرفيل.
لا تخطئ الظن أن الدموع مقبولة دائما. فمثلها مثل أي مشاعر أخرى، البكاء له وقته ومكانه المناسبين. أنت لا تستطيع، على سبيل المثال، أن تضحك ملء فمك خلال محاضرة أو مؤتمر ما، حتى إذا تخلل الجو نكتة ما أو حادثة مسلية.
كما هو معروف، وشائع، فان البكاء يكون مقبولا تماما عند تسلم أخبار سيئة، مثل خبر وفاة قريب أو عزيز. لكن في النهاية الإنسان ليس "روبوتا" (آلة) يمكن برمجته متى يبكي ومتى يضحك ومتى يصمت.
وبحسب الاختصاصية في علم النفس مارشيا رينولدز فإن البكاء ليس مؤشر ضعف بتاتا..انه علامة على أننا بشر..».
عند مناقشة الدموع في العمل، لا تستطيع تجاهل موضوع التمييز الجنسي. فإذا ما بكت زميلتك أثناء الدوام فان مناهضي حقوق المرأة يسارعون لاستغلال الوضع بالقول إن المرأة "كائن ضعيف" لا يمكن الاعتماد عليه. زملاء آخرون سيعتبرونه تصرفا اخرق ويصفون من تبكي في العمل بأنها كائن «سريع الغضب والانفعال». لهذه الأسباب فان النظرة الى البكاء تختلف من شخص الى آخر.
"البكاء في المكتب وأثناء دوام العمل تصرف غير مهني" تقول ساندي دومونت، الاستشارية في علم الصورة والهندسة المعمارية. وتضيف: "إنها حقيقة لا مفر منها إذا كنت امرأة، لان الوضع يسبب إحراجا للزميل الرجل الذي يجد نفسه عاجزا عن معالجة المسألة، إضافة الى شعوره بالذنب والقلق أيضا".
ومع الآراء المتضاربة حول المشاعر المقبولة وغير المقبولة في مكان العمل، لا نستطيع حسم القول بان هناك إجابة صحيحة وأخرى خطأ. الثابت الوحيد هو انك تعرف نفسك جيدا. وتعرف البيئة التي تعمل فيها أفضل من أي شخص آخر. وعليه، فأنت الوحيد الذي يستطيع أن يقدر ما إذا كان من المناسب أن تطلق العنان لمشاعرك خلال دوام العمل وتتركها تأتي كما تأتي، أم انه من الأفضل التدرب على ضبط النفس والمشاعر حتى لا تكون دموعك ثمنا لخسارتك منصبك أو حتى الوظيفة نفسها.